كان المربي الأول صلى الله عليه وسلم يتعامل مع الناس بعقله لا بعاطفته, كان يتحمل أخطاء الآخرين ويرفق بهم.
وانظر إليه صلى الله عليه وسلم وقد جلس في مجلس مبارك يحيط به أصحابه فيأتيه أعرابي يستعينه في دية قتل. فأعطاه رسول الله شيئا ثم قال تلطفا معه:"أحسنت إليك"
قال الأعرابي: لا..لا أحسنت ولا أجملت
فغضب بعض المسلمين وهموا أن يقوموا إليه, فأشار النبي صلى الله عليه وسلم أن كفّوا ثم قام الى منزله ودعا الأعرابي إلى البيت فقال له:" إنك جئتنا فسألتنا فأعطيناك فقلت ماقلت"
ثم زاده صلى الله عليه وسلم شيئا من المال وجده في بيته ثم قال له:" أحسنت إليك؟"
فقال الأعرابي :"نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا"
فأعجبه صلى الله عليه وسلم هذا الرضا منه لكنه خشي أن يبقى في قلوب أصحابه على الرجل شيء, فيراه أحدهم في الطريق فلا يزال حاقدا عليه, فأراد أن يسلّ ما في صدورهم.
فقال له صلى الله عليه وسلم:" إنك كنت جئتنا فأعطيناك, فقلت ما قلت, وفي نفس أصحابي عليك من ذلك شيء, فإذا جئت فقل بين أيديهم ماقلت بين يدي, حتى يذهب ما في صدورهم."
فلما جاء الأعرابي قال صلى الله عليه وسلم:" إن صاحبكم كان جاءنا فسألناه فأعطيناه فقال ما قال, وإنا دعوناه فأعطيناه, فزعم أنه رضي"
ثم التفت إلى الأعرابي و قال:"أكذلك"
قال الأعرابي: نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا.
فلما همّ الأعرابي أن يخرج إلى أهله, أراد صلى الله عليه وسلم أن يعطي أصحابه درسا في كسب القلوب, فقال لهم:" إن مثلي ومثل هذا الأعرابي كمثل رجل كانت له ناقة فشردت عليه, فأتبعها الناس يركضون وراءها ليمسكوها وهي تهرب منهم فزعا ولم يزيدوها إلا نفورا.
فقال صاحب الناقة: خلّوا بيني وبين ناقتي فأنا أرفق بها وأعلم بها.
فتوجّه إليها فأخذ لها من من قشام الارض ودعاها حتّى جاءت واستجابت , وشدّ عليها رحلها, واستوى عليها.
ولو أني أطعتكم في هذا الأعرابي حيث قال ما قال ,دخل النار. يعني لو طردتموه لعلّه يرتدّ عن الدين, فيدخل النار.
حديث رواه البزار
وما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه
بسم الله الرحمن الرحيم
"ولا تستوي الحسنة ولا السّيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم"